[caption id="attachment_176" align="aligncenter" width="230"] غلاف الكتاب[/caption]
تحميل الكتاب : http://goo.gl/smOxpT
شعرت بإني أمام خطرات قلب تلميذ في ثورانه وطفل في صراحته مع وجود بعض حلوى الدونات من حوله وأنا أقرأ كتاب أو كتيب (قطع من الدونات) للكاتب يونس بن عمارة،فهذه الخطرات مع قلتها كمساحة إلا إنها متسعة الأفق في الفكر،وهي أيضا لا تخفي الأحاسيس المرافقة لفكرها،فهي تخلط بين الفكر والإحساس حتى أصبح كل منهما يتحدث بلسان الآخر،فليس هناك تباري بين الأفكار و المشاعر بل تكامل عفوي وجميل ...
محتوى الخطرات في الكتاب يتضح من الإهداء الذي جاء في المقدمةفالكاتب أخبرنا بإنه قدم للقراء طبق من خواطره على شكل حلوى الدونات،فهي مستديرة كالدونات لإنها تدور حول الحياة،ومنتفخة مثل المظاهر التي نراها فيها،وإسفنجية لإنها تمتص أحاسيس كثيرة،وذهبية اللون في مراعاتها للباقة التفكير،وفيها نثرات وفيرة من السكر الملون حاملا معه سخرية طريفة وبسمة جريئة،وفيها فراغ في وسطها لتحذرنا من الوقوع في ما بها من مشهيات ،وهذه الحلوى من الأفكار مهما كان حجمها فهي دسمة ويحلو أن يتم تناولها بتروي ليتم التلذذ بمذاقها،والكاتب أهدى هذه الحلوى لمن ذكر أسمائهم ولكل القراء وتمنى للجميع الإستمتاع بالمذاق الشهي،وأول قطعة دونات من فيض حروفه كان موضوعها كلام الناس،وبين الكاتب رأيه حول ظاهرة تحدث الناس عن بعضهم البعض وبإنها جزء من الحياة،وعاب على من يتناقلون الأحاديث الجانبية حول غيرهم،وأوصانا بتجاهل تلك الأحاديث لنسعد بأوقاتنا وحياتنا،وبعد ذلك قدم لنا قطعة دونات منغمسة في عسل التهكم الأسود ،وهي كانت عن امتحانات الطلاب وتحديدا (البكالوريا)،وقام بوضع إجابات للأسئلة الأكثر تداولا لدى الطلبة متخذا أسلوب المواقع الإلكترونية،هو أجاب عن الأسئلة بواقعية فيها ضحكة خيالية،وأجد بإنه ركز على أن يهدأ الطالب وأن لا يستسلم للخوف والقلق،ومن ثم أتى إلينا بقطعة دونات فيها كراميل قوي من الإفصحاء عن الرأي مهما كان،فهو عبر عن رأيه في التطور والياباني ،فهو لا يقبل به كمثال للتطور الحقيقي نظرا لتذبذب الجانب الأخلاقي في ذلك المجتمع حسب وصفه،وجاء بمثال ألعاب الفيديو التي تنافي الحس الخلقي السوي وهي منتشرة في اليابان ،فحتى الدول الغربية ومنها الولايات المتحدة الأمريكية تخضعها لمقص الرقيب ،والكاتب يجد بإن الحضارة البناءة حقا هي التي تنمي القيم وتعزز الأخلاق الحميدة،وفضل التجربة الماليزية في التقدم الحضاري على اليابانية،وذكرنا بماضينا كدعاة حضارة متمسكة بقيم النبي-صلى الله عليه وسلم-،ورأى بأن ذلك الماضي هو المثال الأمثل لمعنى حضارة،هناك قطعة أخرى من الدونات تبدو غريبة الشكل ،فهي تحمل ألوانا صارخة من بعثرات السكر المكثف،وسماها لنا الكاتب "هلوسات"،وكم يوافق عنوانها مضمونها،ففيها يناقش كاتبنا فكرة إنتحارية ناسفة لحدود العقل ،وهي مع فرط تطرفها في تعابيرها فهي تعبث بضحكاتنا ،ونلاحظ بأن قطع الدونات في الكتاب غدت أصغر ولكنها لا تقل عن غيرها في المضمون،هو يمازحنا وهو يناولنا إحداها والتي تحمل نظرته للمجتمعات الإفتراضية ،فهو تطيب له الوجوه والأصوات والتعابير الواقعية،وفي قطعة أخرى توجد ورقة صغيرة كتب عليها بسخرية بإن من يحمل بطاقة إئتمانية لا تعرف أفكاره معنى الإيقاف ،ومن ثم هنالك قطعة الدونات التي تحدثنا عن عدم وجود أزرار للتحكم في الأحاسيس،وأيضا قطعة الدونات التقليدية الخالية من الزينة وكأنها تريد أن تؤكد لنا بأن كل البشرية متشابهة والفرق سيظهر في تناول كل فرد لحياته،إنه طعم الحياة الذي سيترك الأثر الفعلي لها،وهنالك قطعة الدونات التي تشكلت حولها رسوم قلوب،هي تتغزل في مفهوم الحب وبدلال مغطى بملاعق من إنسكبت الحروف،ويلحق بها قطعة دونات تحفز فكرة التصريح بما في القلب وعدم تخزينه ليهرم،وأخرى ترتسم حولها خطوطا من الشراب المحلى لتخبرنا عن الحنين و شدة وطأة الترقب،وبطرافة تلقائية يبدي لنا كاتبنا أسفه في نهاية الكتاب لكل من إعتقد بإنه كتاب وصفات طبخ نظرا لصور الدونات،ولكني أظن بأن هنالك وصفات،وصفات ربما لن تخل مطابخنا ولكنها ستدخل عقولنا وقلوبنا ...
كتاب أو كتيب (قطع من الدونات) للكاتب يونس بن عمارة،فيه قطع دونات كما لم نذقها من قبل!
0 التعليقات :
إرسال تعليق